روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | إنتحـار المشـروعات!!!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > إنتحـار المشـروعات!!!


  إنتحـار المشـروعات!!!
     عدد مرات المشاهدة: 1843        عدد مرات الإرسال: 0

حين تتاح للإنسان فرصة متميزة فإنه يعاب على تفريطه في إستثمارها وإغتنامها، ويزداد العتب حين تكون الفرص محدودة والمكاسب المضاعفة عالية.

لكن أشد من ذلك وأولى بالعتب أن يتمكن من فرصة فيفرط فيها، وينقض غزله بيده ويخرب بيته بنفسه.

وثمة حالات من ذلك تحصل للدعاة إلى الله تعالى وهي ليست بالقليلة، ومن ذلك:

ـ أن يكون الشخص في موقع له أهميته وتأثيره فيضحي به نتيجة إصراره على أعمال أو مواقف لاترقى أهميتها وتأثيرها إلى ماهو فيه.

ـ أن يرتكب شخص أو مؤسسة دعوية مخالفات قانونية أو إدارية تؤدي إلى التعويق عن أعمال أكثر أثراً وأهمية.

ـ أن يتسبب في القضاء على مشروعات قائمة بسبب الإصرار على ماهو دونها في المصلحة، بل قد يفوت الأمران كلاهما.

إن من يقرأ التاريخ سيجد أن الأمر قد يصل إلى أن حكومات إسلامية سقطت وقضي عليها، بسبب إستثارتها للأعداء نتيجة ما ترى أنه مصلحة، وفات في ذلك من المصالح أضعاف أضعاف ما كانت ترنو إليه من عملها، بل قد ضاعت المصلحتان كلاهما.

إننا قد نعتذر عن أخطائنا بأعذار نعتقد صحتها وليست كذلك.

فتارة نعتذر بأننا مستهدفون من أعدائنا ونشن حملة ضارية عليهم وعلى مافعلوه، والأعداء لاينتظر منهم إلا ما هو أسوأ مما فعلوا، ولم لانعيب أنفسنا أننا لم نستطع إكتشاف مؤامرة العدو، أو تفويت الفرصة عليه؟.

وفي مواقف ليست بالقليلة نفسر كل مايصدر من الآخرين بأنه مؤامرة وباعثه النكاية بنا لديننا ودعوتنا وسلامة منهجنا، وهذا قد يحصل كثيرا، لكن ليس بالضرورة كل مايفعله الآخرون يمكن أن يفسر بهذا التفسير.

وتارة نعتذر بسلامة منهجنا ونبرر إخفاقنا ونجاح الآخرين بأننا أسلم منهجا وأثبت طريقاً.

وتارة نعتذر بأن كل مايصيبنا إنما هو إبتلاء من الله ليرفع به درجاتنا ويمحصنا...إلخ.

وتارة نحول انهزامنا إلى نصر، وفشلنا إلى نجاح مبالغين في وصف منجزاتنا ومهونين من شأن خسائرنا.

وتارة نشن هجوماً على من ينتقدنا متهمين رأيه وتارة نواياه.

لقد قال الله عز وجل عن صفوة خلقه وخيرهم بعد الأنبياء حين هزموا في أحد وأصابهم ما أصابهم {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران:165] ومع ذلك لم يكن هذا الأمر منقصا من شأن ذاك الرعيل، بل كان دافعا له لإستيعاب الدرس وتجاوز الأزمة.

إن إدراكنا لمسؤوليتنا عن أعمالنا، والتفكير الجاد في العواقب والمآلات، وموازنة المصالح والمفاسد يعيننا بإذن الله على تجنب إخفاقات ومواقف فشل، ويزيد من فرصة المحافظة على مشروعاتنا وأعمالنا.

ونحتاج أن نضيف إلى ذلك الجرأة على إنتقاد أنفسنا ومراجعة أعمالنا، والفصل بين سلامة المنهج والممارسة، والفصل بين صحة الحقائق والمنطلقات وبين مدى انطباقها على الواقع أو مايعبر عنه الأصوليون بتحقيق المناط.

ونحتاج أن نضيف إلى ذلك تقليل المساحة التي تحتلها العاطفة من تفكيرنا ومواقفنا، والنظر البعيد الذي يتجاوز ماتحت أقدامنا.

وذلك كله لن ينقلنا للعصمة فسنبقى بشرا نخطئ ونصيب، ونكبو وننهض، لكنه سيقلل من حالات الإخفاق، وسيحافظ أكثر على مشروعاتنا ومنجزاتنا.

 

الكاتب: د. محمد الدويش.

المصدر: موقع ياله من دين.